لأ فولاذي فولاذي يعني

أخيراً بعد عدد لا نهائي من الإعلانات و الصور و اللقطات و الإنفرادات من مشاهد الفيلم، أتيحت الفرصة للملايين من الجماهير لمشاهدة ما تبقى من الفيلم في شكل …. فيلم. Man of Steel أو الرجل الفولاذي حسب الترجمة الحرفية هو الفيلم السادس القائم على شخصية سوبرمان و المحاولة الثانية في العشر سنوات الأخيرة لإعادة السلسلة للحياة من خلال بداية تستفيد من التقدم التقني للسينما.

في بداية الفيلم نتعرف، و لأول مرة، على قصة كال إل، و هو إسم المولد لسوبر مان، بالكامل على كوكبه، كوكب كريبتون. حيث ينشأ صراع بين والده “جور إل”، الذي قام بدوره “راسل كرو”، كبير علماء الكوكب من جانب و رئيس أركان القوات المسلحة “الجنرال زود”، و قام بدوره “مايكل شانون”، من جانب آخر، لأن زود كان يحمل خطط عنصرية عدائية لإعادة تسكين أهل كريبتون، الذي كان على وشك الفناء، في كوكب جديد، بعد سفلتة ذلك الكوكب باللي فيه بطبيعة الحال. يقوم جور إل بتهريب رضيعه خارج الكوكب و معه “السجل” الذي لا يستطيع “زود” و لا عشرة زيه أن يعيدوا إعمار الكوكب بدونه.

نقفذ بعد ذلك في الزمن لنجد كلارك كينت، و هو الاسم الذي أطلقه عليه أبيه الأرضي جوناثان كينت الذي قام بدوره كيفين كوستنر، قد كبر، و من خلال لقطات من الماضي نتعرف على شكل علاقة سوبرمان بأبيه، الذي طالما أراد حمايته و كان حريصاً على توصيته بضرورة البحث عن أصله و كشف سر قواة الخارقة. و بينما كلارك كينت يجوب الأرض، تتصادف لحظة عثوره على إجابة تساؤلاته مع نفس لحظة مقابلته لفتاة أحلامه و هي في نفس الوقت اللحظة التي ينجح فيها “زود” أخيراً في العثور على “كال إل”.

ينتقل بنا الفيلم بعد ذلك لفصله الأخير و هو وصول “زود” للأرض لكي يقابل “كال إل” و يتعرف منه على مكان السجل و من ثم يبني حضارة كوكبه مرة أخرى على أنقاض الأرض، بما إننا هنا و خلاص يعني! لسه هانطلع ندور على كوكب فاضي؟ و بعدين الدنيا ليلت! و يبدأ الصراع بين زود و سوبرمان الذي يقف حائلاً أمام خطط زود و يتعهد بحماية الأرض و سكانها. تمر فيك العيش و الملح يا كال ياخويا.

أعجبني في الفيلم أداء العظيمين راسل كرو و كيفين كوستنر و بالأخص كوستنر الذي لم يحالفنا الحظ في مقابلته كثيراً داخل أحداث الفيلم، و لو سألني أحدهم عن أفضل لقطات الفيلم، سأجاوب بلا تردد “لحظات جوناثان كينت الأب مع ابنه الحائر كلارك كينت” و هي أيضاً أفضل ما كُتِبَ في حوار الفيلم الضعيف بشكل عام.

أعجبني أداء “هنري كافيل” الذي قام بدور كال إل و كلارك كينت و الرجل الفولاذي و سوبرمان و ربع لانشون. هنري كافيل نجح في تقديم بعد معقد نسبياً لسوبرمان. سوبرمان هذه المرة يغضب و يثور و ينتقم و يفعل شيء آخر لم نعهده على سوبرمان و لكني لا أستطيع مشاركته هنا لعدم حرق أحداث الفيلم. كل هذا سهلاً و لكن دفعك للتعاطف معه و عدم النيل من صورته كبطل الأبطال و أخير الأخيار هو التحدي الذي نجح “كافيل” فيه بامتياز.

أعجبني إستخدام تكنولوجيا الأبعاد الثلاثية (3D) في هذا الفيلم حيث جائت الصورة واضحة و لامعة خاصة في اللقطات النهارية التي عادة مايفشل فيها بقية الأفلام، بحسب الصورة التي تردنا في مصر على أية حال. إرتياحي مع الصورة دفعني في الإستراحة أن أخرج لشراء الفيشار غير مدركاً أنني مازلت أرتدي النظارة و بالطبع كان شكلي أنتيكة قوي. بعكس أغلب الأفلام التي أخلع فيها النظارة سريعاً بمجرد إتاحة الفرصة كأنها عقوبة لا أطيق إنتظار أن تنتهي.

لم يعجبني الفصل الأخير و الأهم في الفيلم. فحبكة الخطر الذي يواجه الأرض معقدة جداً و قصيرة جداً لكون الفيلم محشو بعديد الأحداث و التطورات.يكفي أن أقول أن تصاعد الصراع و ظهور الخطر و إكتشاف سوبرمان لطريقة مكافحته و الفشل أولاً ثم النجاح بعد ذلك، كل هذا تم تغطيته فقط في الربع الأخير من الأحداث. أتحدى أن أجد ٥ ممن شاهدوا الفيلم يتفقوا على شرح خطة الهجوم الكريبتوني و شرح خطة الدفاع الأرضي بشكل موحد. المسؤول عن هذا يبدو لي هو الكبير “كريستوفر نولان” الذي تشارك في كتابة الفيلم مع “ديفيد إس جوير” و لمتابعي “نولان” فهو يعشق تعقيد الحبكة و تزايد التساؤلات كما حدث في فيلم “Inception” على سبيل المثال. و لكن في “Inception”, الحبكة أخذت حقها في الشرح و التحليل و التفصيص قبل أن نصل لمرحلة تسارع الأحداث. أما هنا فالأمر عابه السلق و اللهوجة، كما أساء نولان تقدير مدى إهتمام المشاهد بالحبكة من الأساس .. مش كله عدى على خير الحمد لله؟!

لم يعجبني مشاهد العراك في الصراع بين سوبرمان و مركز شباب كريبتون كما حاكها “زاك سنايدر” مخرج الفيلم، و هو أيضاً مخرج أفلام “300″ و “Watchmen”. فشكل الصراع واحد و مكرر و ممل. يطير أحدهم، ليقتلع الآخر من على الأرض و يستكمل الطيران، محدثاً عدد كبير من الأخرام في بيوت الناس و مكاتبهم و مصانعهم و بنزيناتهم. طب حضرتك ماتطلعوا الساحل و تطوحوا في بعض زي مانتو عاوزين و اللي يكسب يبقى ياخد مشروع و يرجع و خلاص؟! جنابك الإخرام دي أصلها مابتتسدش! كدة كدة هانهد و نبني تاني!

الفيلم جيد و مسلي و لكن لاتقعوا في الفخ الذي وقعت فيه. فمن خلال مشاهدتي للنسخ المختلفة من التريلر و قراءاتي عن الفيلم توقعت أن أشاهد الفيلم الأفضل في العشر سنوات الماضية. بينما في الحقيقة هو بالعافية الفيلم الأفضل في هذا الأسبوع.

التعليقات و المناقشة

التعليق