ما وراء الأشجار

لا أعتقد أبداً أنه لو كان اسم أشجار الصنوبر باللغة الانجليزية يتكون من كلمتين لتجرأ أي مؤلف و استخدمه في عنوان روايته أو فيلمه. لذلك، و لكل من ترجم اسم فيلم “The Place Beyond The Pines” ل”المكان خلف أشجار الصنوبر” ، أحب أن أقول: إبقى تعالى و أنا أوريك خلف أشجار الصنوبر دة يبقى فين.فيلم “The Place Beyond The Pines” أو “ما وراء الأشجار” كما أفضل أن أترجم اسمه، شهد تعتيم حتى موعد عرضه لم تشهده أثيوبيا قبل إعلان تحويل مجرى النيل. كل من دخل الفيلم دخله و هو فعلاً لا يعلم عنه أي شيء سوى أن الفيلم من بطولة ريان جوسلينج و برادلي كوبر و إن الموضوع فيه موتوسيكلات. هذا التعتيم يضعني في حيرة الآن عن كيفية طرح موضوع الفيلم بدون حرق أحداثه. خلونا نحاول.The Place Beyond The Pinesالفيلم يحكي قصة من ثلاثة فصول، تصلح لأن تكون مسلسل رمضاني من ٣٠ حلقة بدون أي مط أو تطويل. الفصل الأول يحكي قصة “لوك”، و يقوم بدوره ريان جوسلينج، الذي يعمل كمؤدي فقرة خطرة على دراجته البخارية في سيرك متنقل. يكتشف لوك أن له طفل رضيع و يحاول أن يقتحم حياة هذا الطفل ليتحمل مسؤوليته كأب و لكن ضيق موارده يدفعه لارتكاب الجرائم باستخدام مهاراته في ركوب الدراجات البخارية. يضعه هذا في مطاردة مع “آفري” الضابط الشاب الذي يقوم بدوره برادلي كوبر.الفصل الثاني و الثالث حقاً لا يمكن التطرق لهما بدون حرق مفاجآت و تفاصيل الحبكة و هو أمر لا يصح أبداً لأن حبكة الفيلم تشكل تجربة سينمائية غائبة منذ زمن و أحب أن يختبرها كل محب حقيقي للسينما الراقية.

ريان جوسلينج ممتاز في الفيلم بطريقة سلبية. فدوره معتاد و غير مفاجيء و خالي من أي تحدي لم ينجح فيه جوسلينج بالفعل في أفلامه السابقة. أخشى أن يبقى جوسلينج في هذه الدائرة طويلاً حيث أن دوره القادم في فيلمه الجديد “Only God Forgives” يبدو مماثل أيضاً للنمط الذي تعودنا عليه.

برادلي كوبر على الجانب الآخر يقوم بدور جديد و معقد و صعب و مليء بالتناقدات و الإختبارات التي لم أراه يخوضها من قبل و سعدت جداً برؤيته يجتازها بتفوق.

على صعيد التمثيل بقى أن أثني على أداء راي ليوتا في دوره الغير كبير. وحدهما راي ليوتا و كيفين بيكون يضعوني في حالة من القلق عندما يقدمان أدوار الشر لأني أشعر أنه لا حدود لمدى السفالة التي يمكن أن يصلا لها. راي ليوتا نجح تماماً في جعلي غير مرتاح أو مطمئن في كل مشاهده في “The Place Beyond The Pines”.

مخرج الفيلم هو “ديريك سيانفرانس” و هو مخرج حديث نسبياً و لكن نجح في لفت الأنظار له مع أول أفلامه “Blue Valentine” مع نفي بطل “The Place Beyond The Pines” ريان جوسلينج. كل من شاهد “Blue Valentine” عانى من أعراض الإكتئاب الحاد لمدة أسبوع على الأقل و على مقياس الإكتئاب، لو أخذنا “Blue Valentine” كنقطة بداية، فأن “The Place Beyond The Pines” سيبدو كرحلة في ديزني لاند، رغم أنه فيلم سودوي و سينالك بعده نصيب غير قليل من الإكتئاب. في فيلمه الجديد يقدم ديريك سيانفرانس نفسه كقادم جديد في مشاهد الأكشن و المطاردات و هو بالفعل صاحب رؤية جديدة و مميزة فيما يتعلق بالمطاردات. كنت فين يا عم من زمان؟!! دي فانلة فين ديزيل طلعت عين أبونا!

لا أعلم إن كنت راض تماماً عن إخراج الفيلم، فالجو العام جيد و ما إلى ذلك و لكن وقف أمامي عائق إدراك أو تقبل معاناة الأبطال الأساسيين، و بالأخص المعاناة الإقتصادية التي يتم تقديمها كمحرك أساسي للملحمة بالكامل. ربما لأن هذا الفقر الأمريكي لا يبدو بالسوء الشديد مقارنةً بما نراه في المناطق الشعبية الفقيرة في منطقتنا. كما أني لم أسعد كثيراً بالتحول بين الفصل الثاني و الثالث و لكن يشفع لذلك التحول المفاجىء و الساحر بين الفصل الأول و الثاني.

ديريك سيانفرانس يتشارك في كتابة الفيلم مع “بين كوشيو” و هو أيضاً كاتب جديد، لهذا فيلمه الثاني بعد الفيلم الأول المجهول بالنسبة لنا في المنطقة “زيرو داي”. فيما يتعلق بالقصة فالثنائي قدم عمل ملحمي عظيم عابه التطويل فقط في الفصل الثالث، القابل للحذف تماماً بدون التأثير على جودة الفيلم، بل أن هذا الحذف كان سيكون في صالح الفيلم في رأيي المتواضع.

أنصح تماماً بمشاهدة الفيلم كما أنصح بمغادرة السينما بعد إنتهاء الفصل الثاني … ماتقلقش هاتميز الفصول ببساطة شديدة. الفيلم موجود الآن بدور العرض و هو، على سبيل التغيير، فيلم جيد جداً قفي وسط أفلام عديدة محبطة في هذا الموسم حتى اللحظة.

التعليقات و المناقشة

التعليق